لقاءات في طريق الذهب
معرض “لقاءات في درب الذهب” يقدم لقاءات بين الديانات والثقافات في غرب أفريقيا والدين الإسلامي، ويفتح لنا شباكًا على تلك الثقافات الغنية المثيرة. تُعرض في هذا المعرض أغراضًا تحكي قصة مسار تجارة الذهب التي وصل الإسلام عن طريقه إلى غرب أفريقيا، مسار يربط بين الديانات والفنون.
وُلد الإسلام في مكة والمدينة في شبه الجزيرة العربية بداية القرن السابع، وبعد موت النبي محمد بدأ ينتشر تدريجيًا في أسيا وشمال أفريقيا. وصل الإسلام لأول مرة إلى غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، منطقة بلاد السودان، عن طريق التجار المسلمين من شمال أفريقيا الذين ساروا مع قوافل الجمال طريق الدرب التجاري في الصحراء الكبرى، ومن هناك واصل الانتشار ببطء وهدوء.
من الناحية الجيوسياسية، فإن القارة الأفريقية عامة وغربها بشكل خاص، كانت مؤلفة من مجموعات عرقية بدون أطر سياسية ثابتة وبعض الممالك الرئيسية التي سيطرت على الدرب التجاري: امبراطورية غانة (700-1240)، امبراطورية مالي (1240 – القرن السادس عشر) وامبراطورية سونغاي (1464-1591). وقد أدرك حكام تلك الامبراطوريات إنهم إذا تبنوا التقاليد الإسلامية ورسّخوا علاقاتهم مع الشبكات الإسلامية التجارية، فسوف يعززون من قوتهم وثروتهم. مع ذلك، كانوا يسيرون بين النقاط، فقد تصرفوا كمسلمين في حالات معينة وكوثنيين في حالات أخرى، وذلك من أجل إرضاء الأغلبية الوثنية والأقلية الإسلامية على حد سواء. وقد منحوا رعايتهم للفقهاء المسلمين، وفي الوقت نفسه ووفق الحاجة كانوا يتوجهون إلى رجال الدين التقليديين. لقد كان الدين الإسلامي بالنسبة لهم بمثابة بطاقة لدخول عالم الشرق الأوسط، ثقافته وتجارته.
في القرنين السابع عشر والثامن عشر انتشر الإسلام في غرب أفريقيا ووصل أول مرة إلى المجتمعات القروية. وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر نشأت في تلك التجمعات القروية في غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى توجهات راديكالية، مناوئة للخط المعتدل الذي يدمج بين الإسلام والثقافات المحلية. ولأول مرة بدأت بوصم كل من ليس مسلمًا بأنه كافر. وفي المقابل، صعّدت فرنسا وبريطانيا طمعها في موارد أفريقيا، مما أدى إلى تفاقم الضغط الكولونيالي وتسارع في القرن التاسع عشر.
تشكلت الديانات التقليدية في غرب أفريقيا وتطورت منفصلة عن بعضها، لكن كانت جميعها تشترك ببعض الخصائص الإحيائية: إلاه خالق واحد وأرواح تمثل روح الطبيعة والوجود. وفي الطقوس المجتمعية هناك كانت القياديات الروحانية تنقل القيم التربوية من جيل إلى جيل، وتعمل على ربط أبناء المجتمع بأصولهم بواسطة قصص عن شخصيات ميثولوجية، وحيوانات أسطورية، وقصص عن الخليقة وأساطير منذ تأسيس تلك المجتمعات. وخلال الطقوس التي كانت تقام في ساعات الظلام والتي يرافقها الرقص والغناء، كان بعض المشاركين يلبسون الأقنعة يتخفّون من خلفها ويغطون أجسادهم بالقماش والقش.
يضم هذا المعرض مجموعة مختارة من الأقنعة وأغطية الرأس، أغراض طقوسية ذات طابع سحري كانت جزءً من الحياة الروحية لعدة مجموعات عرقية في غرب أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. رغم أن معظم الأغراض مؤرخة من القرنين التاسع عشر والعشرين، فهي تمثل تقاليد محلية طويلة الأمد، والتي استخدمت كوسيلة للتوسط بين أفكار دينية مجردة وأبناء المجتمع. تشمل هذه المعروضات أدوات لطقوس العبادة التي كانت تستخدم كأوعية لاستيعاب طاقة أرواح الكون والآباء المؤسسين للمجتمع. كما أن بعض هذه الأدوات كانت تستخدم في مراسم البلوغ أو طقوس لرابطات سرية، كانت مسؤولة عن النظام الاجتماعي للمجتمع من النواحي الدينية، والسياسية والتربوية. كانت تلك الرابطات مهمة وخاصة في المجتمعات المستقلة والصغيرة.
إلى جانب الأغراض الطقوسية، توجد أغراض من الثقافة المادية والاكتشافات الأثرية التي تشكل شهادة على تجارة الذهب من غرب أفريقيا إلى الشرق الأوسط طريق الصحراء الكبرى، وكذلك مصاحف وتمائم إسلامية من الصحراء الكبرى ومن غرب أفريقيا التي كانت جزءًا من الحياة اليومية للمجتمعات الإسلامية في غرب أفريقيا. تعكس هذه المعروضات استدخال الدين الإسلامي في الحياة الروحية للمجموعات العرقية المختلفة في غرب أفريقيا.
جزيل الشكر لكل من استجاب لدعوتنا وأعارنا هذه التحف ولكل من رافق طاقم المتحف خلال إنشاء هذا المعرض: دينا وميخائيل ڤايس، عائلة رواش، متحف إسرائيل، القدس وسلطة الآثار.