مبنى المسجد الكبير (اليوم يُستعمل كمتحف للثقافة الاسلامية والشعوب الشرقية) بُني عام 1906 كجزء من مباني الحكم العثماني والتي تشمل “السرايا” (بيت الحكم المركزي– تُرجم من التركية) وبيت الحاكم (اليوم يُستعمل كمتحف النقب للفنون). رُكزت المباني على طول الطريق المؤدّي الى المدخل الرئيسي لمركز القرية. بُني المسجد بشكل منحرف عن مسالك الطرق حتى يلائم اتجاه الصلاة لمكة. غالبية سكان المدينة العثمانية كانوا عرب من الخليل وغزة.
في فترة الانتداب البريطاني(1917-1948)، المسلمون كانوا هم الاكثر من ناحية عدد السكان(حوالي 2790من بين 2960 مواطن في سنة 1930)، وبقي المسجد الكبير يُستعمل كمركز ديني ومركز يجذب اليه الناس من كل المنطقة. في تشرين الأول عام 1948 احتلت كتيبة النقب التابعة “للبلماح(السحق)” بئر السبع وجرّدت الجيش المصري منها، وفي عام 1950 تأسّست المدينة العبرية “באר שבע – بئر السبع”. بعد قيام الدولة اُستعمل المسجد كسجن ومحكمة.
قرّرت ادارة بئر السبع في عام 1952 تحويل المسجد السابق الى “متحف النقب”، وهو يمثل النقب من جميع النواحي. تسيبي عوفر هو أوّل من أسّس المتحف، المهندس الوطني لبلدية بئر السبع. يبدو من المراسلة فيما يتعلق بإقامة المتحف أن المتحف كان يجب أن يكون مشروع تربوي يعرض توثيق الاستيطان في النقب و”احتلال الصحراء القاحلة”.
شملت المواد في العرض الأول صور لعدّة مجالات منها:
تحرير الأرض، مصانع المياة، العمل المأجور وأيضا طوابع وخرائط النقب. للكيرن كييمت خُصص ربع مساحة العرض، رسوم الاشتراك وصلت إلى 100 قرش وأتيحت للزوار فرصة الصعود للمئذنة ليطلوا منها على ضواحي المدينة. فُتح المتحف بشكل رسمي في تاريخ 19.11.1952.
وخلال تطوير المدينة اكتشفت معالم أثريّة مميّزة ومهمّة للنقب حيث تمّ جلبها للمتحف. حفريات أخرى للبحث عن الآثار في سنوات الخمسين أثرت المستودع باكتشافات من العصور الحجرية، “الكالكولوتية”، الإسرائيلية والبيزنطية. مع مرور السنين تحوّل المسجد إلى متحف أثري وأثنولوجي بحيث أن المعروض فيه يعكس حياة وحضارة النقب. عُرضت في ساحة المتحف معالم أثرية مثل عناوين صفحات وأرضية فسيفساء مُقدّر تاريخها للقرن الخامس والسادس. في قاعة العرض عُرضت أداة صوّان من العصر الحجري ومجموعة أدوات وتماثيل من حفريات في خربة مطر وبئر تسفد، وساعة شمسية مصنوعة من حجر أبيض وشظايا كتابات بيزنطية وغيرها. الاكتشاف الأكثر أهمية في المعرض كان مذبح كبير، اُكتشف في تل بئر السبع في صيف 1973. عُرضت المُكتشفات في المتحف حسب ترتيبها الزمني من الألف الرابع قبل الميلاد حتى القرن الثامن ميلادي. كان في المتحف قسم للفنون الحديثة بحيث عُرض فيه رسومات وكتابات من مُجمّع المتحف والعروض المتبدّلة، وأيضا غرفة مطالعة ومكتبة.
مع مرور السنين أُجريت تجربة لترميم المبنى الذي أخذ يتفكك ولكنها لم تنجح وأُعلن عن المبنى أنه يشكل خطر على حياة الجمهور. في عام 1992 أخذت سلطة الآثار على عاتقها مسؤولية الحفاظ على مجموعة الأثريات وإعادة بناء المبنى. وبما أن الحفاظ عليه كان يتطلب موارد كبيرة وخطة دقيقه، بدء العمل عليه فقط في عام 2008 وتم إنهائه عام 2010.
أدير هذا المشروع على يد شركة الاقتصاد لتطوير بئر السبع، وشمل تنفيذ العمل للمحافظة على المبنى تغيّر البنية التحتية وملائمة المبنى للاستعمال كمتحف. مع إنهاء التعديلات طالبت البلدية بأن تعود وتستعمل المبنى كمتحف أثري. ومن الجهة المُعاكسة طالبت جمعية المساعدة والمحافظة على حقوق البدو ولجنة المسلمين في النقب وهيئات أخرى بأن يُعاد إلى ما بُني من أجله في الأساس– مسجد. وبدؤا بكفاح شعبي.
توجّه النشطاء خلال هذا الصراع إلى محكمة العدل العليا في حزيران 2011، وحكمت المحكمة بأن يُستعمل المبنى كمتحف خاص “لثقافة الإسلام والشعوب الشرقية”.
قبل صدور قرار المحكمة بادرت بلدية بئر السبع بعرض مؤقت “أجيال بئر السبع من 1900-2011” والذي نسقه جوئيل دروري. عُرض المعرض من تشرين الثاني 2011 حتى تشرين أول 2013. في المقابل، قام فريق المتحف الدكتورة داليه منور والأمينة الدكتورة شارون ليئور- سيرك بالتجهيز للافتتاح المُجدّد. في كانون الأول 2014 افتتح المتحف على هيئته الجديدة “متحف لثقافات الإسلام والشعوب الشرقية” مع العرض الثابت في ساحته والمعرض المُؤقت “علاقات”.