يفخر متحف ثقافة الإسلام وشعوب الشرق بفتح أبوابه لمعرض مُكرّس لأحد المواضيع المركزيّة والمعروفة في فنّ الإسلام – السجّاد. يحمل اسم المعرض، “روابط”، معانيَ مختلفة. الرّبط هو واحدة من طرق نسج السجّاد؛ فتربط خيوط الريش على خيوط

السّدى؛ وغالبيّة السجاجيد التي يقدّمها المعرض هي «سجاجيد ريش » تمّ نسجها بهذه الطريقة. كذلك، فالسجّاد يربط بين الشرق والغرب، بين الماضي والحاضر، بين المُقدّس واليوميّ.

هناك مساحة واسعة في ثقافة الإسلام وشعوب الشرق للسجّاد والنسيج – في المحيط المنزليّ، في السّياق الدينيّ وحتى الملكيّ. وما يدلّ على المكانة المركزيّة للسجّاد في طقوس الصلاة الإسلامية أنّ السجادة تُعتبر بمثابة غرض شخصيّ يُستخدم على أساس يوميّ. أقيمت في مجتمعات الرُّحّل خيام تمّ تبطينها بقطع حياكة ومنسوجات، وقد غطّت المنسوجات والسجاجيد مساطب وجدران المساجد والقصور. وبدءًا من القرون الوسطى درَج الاتجار بها في أوروبا كسلع ترف فاخرة. هناك مكانة مركزيّة للسجاد في طقوس الصلاة المُسلمة، ولذلك فالسجاجيد هي أغراض شخصيّة للاستخدام اليوميّ. جرى في الإمبراطوريّة المسلمة في العصور الوسطى نسج سجاجيد خاصّة بطلبٍ من الحكّام الذين كانت تُقاس درجة ثرائهم بكميّة السجاجيد والمنسوجات التي يملكونها. وتمّ رسم الحكّام والزّعماء الدينيّين في البورتريهات والرسوم المختلفة وهم قاعدون على سجّادة ملوكيّة.

المصادر المكتوبة من مصر، اليونان، فينيقيا، مسوبوتاميا وإيران، تتطرّق، منذ القرن الثامن قبل الميلاد، إلى استخدام السجّاد. ومن السجاجيد الشهيرة التي جرى الحديث عنها سجّادة «ربيع كسرى »، سجّادة فارسيّة في قصر الملك السّاسانيّ كسرى الأوّل، الذي حكم خلال الأعوام 531 – 579 . كانت السجّادة هائلة الحجم منسوجة من الحرير، مُطرّزة بخيوط الفضّة والذهب ومزيّنة بالحجارة الكريمة، لكنّها لم تبقَ إلى يومنا. أمّا الأثر الأركيولوجيّ الأقدم لسجّادة كاملة فقد عثر عليه عام 1949 في بزريك جنوب سيبيريا، في قبر قديم يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد. هذه السجّادة منسوجة بخيوط متراصّة وتدلّ على تقنيّات النسج المتطورة التي كانت مستخدمة في ذلك الحين. اليوم، أيضًا، هناك أهمّيّة خاصّة للسجّادة في الحياة اليوميّة – سواء في تصميم البيت الحديث أو كغرض فاخر للترَف.

يشتمل المعرض على سجاجيد من إيران، تركيّا والقفقاس تعود إلى القرن الثامن عشر وحتى مطلع القرن العشرين، وقد تمّت استعارتها من متاحف ومن مجموعات فنيّة خاصّة. تقسم السّجاجيد إلى ثلاثة أقسام: سجاجيد الصلاة، سجاجيد الجنائن وسجاجيد الرصائع. مصدر استلهام قسمٍ من السجاجيد معروض إلى جانبها في المعرض: مبنى المسجد، أغراض المسجد، أغلفة القرآن ومخطوطات لصفحات من القرآن. يشتمل المعرض أيضًا على لوحة زيتية هولندية بأسلوب «الطبيعة السّاكنة » تعود إلى القرن السابع عشر، وتظهر فيها السجّادة الشرقيّة كجزءِ من أغراض المائدة؛ ويشير موقع السجّاد في الفنّ الأوروبيّ إلى انتشاره كغرض ترَف في الغرب. كذلك، يشتمل المعرض على أعمال فيديو وصور فوتوغرافيّة من الفنّ المعاصر، ويظهر فيها أنّ السجّادة لا تزال تحافظ على مركزيّتها – سواء في المجتمع التقليديّ أو الحديث.

شارون لئور-سيراك

قيّمة المعرض__